م / معين - قطر
منذ 4 سنوات

حول خطبة أميرالمؤمنين ع

سلام عليكم ورد في نهج البلاغة:عن علي (ع) ذاكراً عمر بن الخطاب: (( لله بلاء فلان فقد قوّم الأود, وداوى العمد, خلّف الفتنة, وأقام السنّة, ذهب نقي الثوب قليل العيب, أصاب خيرها, وسبق شرّها, أدى إلى الله طاعته, وأتّقاه بحقّه )) (نهج البلاغة2/222). قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة: (وفلان المكنّى عنه, عمر بن الخطاب, وقد وجدت النسخة التي بخّط الرضي أبي الحسن جامع نهج البلاغة وتحت فلان: عمر, وسألت عنه النقيب أبا جعفر يحيى ابن زيد العلوي, فقال لي: هو عمر, فقلت له : أثنى عليه أمير المؤمنين (ع)؟ فقال: نعم. انتهى ) (شرح نهج البلاغة 3/12). كيف يمدح أمير المؤمنين (ع) من غصب الخلافة منه وظلمه؟


الأخ المحترم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اختلف أقوال العلماء في معرفة الشخص الذي عناه الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) بقوله: ((فلان)) في النص المذكور من نهج البلاغة, وإن شئت الإطلاع على هذه الاختلافات فارجع إلى شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد في بداية ج12 ص4 لتقف عليها. أما في كون المراد من (فلان) عمر بن الخطاب فأنّه نقل ابن أبي الحديد لا غير, وابن أبي الحديد ليس إمامي المذهب, فنقله ليس حجّة علينا, فالحجّة هو ظاهر كلام الإمام (عليه السلام) وظاهره لا يدّل على أنّ المراد هو عمر, وما قاله العلوي إنمّا هو اجتهاد لا يلزم غيره, وما كتب في نسخة الرضي إن كان من غيره فالكاتب مجهول, وإن كانت من الرضي فهو لا يتعّدى كونه اجتهاداً لا يكون حجّة على غيره. ومن هذا كلّه نعلم إنّ كلام الإمام (عليه السلام) نفسه لا دليل فيه, وإنما الدليل من خارج كلامه, والمفروض أنّ المستدل يستند في دعواه على كلام الإمام (عليه السلام) لا على كلام غيره, وهذا الأمر لم يحصل هنا. وعليه يبقى هذا المقطع من كلام الإمام (عليه السلام) مجملاً لا دليل فيه على تعيين مدح أحد بعينه. نعم, هناك جملة روايات تشير إلى أنّ الإمام (عليه السلام) أراد به عمر بن الخطاب, وكان يقرّه على لسان نادبة لعمر قالته بعد موته, إلاّ أنّ جميع هذه الروايات ليست تامّة سنداً, فلا تتمّ الحجّة بها على أيّة حال.(تاريخ المدنية المنورة 3/941 تجده يرويه مرسلاً, وتاريخ الطبري 3/285, وابن كثير7/157 يرويانه بسند فيه: (( ابن دأب)) وهو لم يوثّق, كما في الميزان الاعتدال - للذهبي - 3/216, ولسان الميزان - لابن حجر - 4/322. ويرويه ابن عساكر في تاريخه 44/457 بسندين يشتملان على جماعة من المجاهيل). وممّا يشكل هنا على هذه الدعوى, بأنّ المراد من ((فلان)) في قول الإمام (عليه السلام) السابق:عمر بن الخطاب, مجموعة أمور نذكر بعضاً منها: الأوّل: ما ذكره الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في الخطبة الشقشقية عن خلافة عمر بن الخطاب بصريح العبارة: (( فيا عجباً بينما هو يستقيلها في حياته - يريد أبا بكر- إذ عقدها لآخر بعد وفاته, لشدّ ما تشطّر اضرعيها فيسرها في حوزة خشناء يغلظ كلامها ويخشن مسّها ويكثر العثار فيها, والاعتذار منها, فصاحبها كراكب الصعبة إن اشنق لها خرم وان اسلس لها تقحم, فمني الناس - لعمر الله - بخبط وشماس وتلوّن واعتراض... )) (نهج البلاغة 1/34) هذا النص الذي أمامنا يعّد بيّنه واضحة في بيان الشخص المقصود, بينما المدعى هناك مجرّد احتمال وادعاء ورد من خارج كلام الإمام (عليه السلام) وفي مقام التعارض تقدّم البيّنة على الادّعاء كما هو معلوم. الثاني: رفض الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) العمل بسيرة الشيخين (( أبي بكر وعمر )) كما هو المعلوم منه في قضية الشورى, التي وضعها عمر قبل وفاته...فلو كان عمر قد ((قوّم الأود و...)) كما هو المدّعى, فلم رفض الإمام (عليه السلام) العمل بسيرته ورفض الشرط المذكور الذي اشترطه عليه عبد الرحمن بن عوف, وخرج من الشورى لم يبايع له بسبب رفضه لهذا الشرط. (مسند أحمد 1/75, فتح الباري 13/171, تاريخ دمشق39/195, شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1/188). الثالث: عرف عن عمر مخالفته للكتاب والسنة النبوية معاً في موارد كثيرة وإنصاته لاجتهاد نفسه, الأمر الذي لا يستقيم مع القول المنسوب للإمام (عليه السلام) بحقّه: ((أقام السنّة)) نذكر هنا جملة من تلك الموارد على سيبل المثال لا الحصر: 1- مخالفة القرآن والسّنة النبوية في منع سهم المؤلفة قلوبهم (الجوهرة النيرة في الفقه الحنفي 1/164,نقلاً عن: الفصول المهمة لتأليف الأمّة-لشرف الدين-87- حاشية ردّالمختار2/374). 2- مخالفة للقرآن والسنّة في منع متعة الحج وكذلك متعة النساء (مسند أحمد 3/325,تفسير الرازي 5/167). 3- مخالفة للقرآن والسنّة النبوية في الطلاق الثلاث, فجعله ثالثاً والسنّة جعله واحدة (صحيح مسلم 4/183كتاب الطلاق,باب طلاق الثلاث). 4- مخالفة القرآن والسنّة النبوية في فريضة التيمّم وأسقط الصلاة عند فقدان الماء (صحيح البخاري,كتاب التيمم,باب:المتيمّم هل ينفخ فيهما؟). 5- مخالفة القرآن والسنّة النبوية في عدم التجسّس على المسلمين فابتدعه من نفسه (الكامل في التاريخ لابن الأثير3/24حوادث سنة23). 6- مخالفة للقرآن والسنّة النبوية في عدم إقامة الحّد على العامد القاتل في شأن خالد بن الوليد, وكان يتوعّده بذلك (تاريخ ابن الأثير2/367حوادث سنة 11وغيره). 7- مخالفة السنّة النبوية في إسقاط فصل من الأذان وإبداله بفصل من عنده (الموطّأ-لمالك-24,باب:ما جاء في النداء للصلاة). 8- مخالفة السنّة النبوية في تشريع صلاة النافلة جماعة, فابتدع التراويح من نفسه,وقال عنها نعمت البدعة هذه (صحيح البخاري 2/252كتاب صلاة التراويح,سنن البيهقي 2/293باب قيام شهر رمضان). 9- مخالفة السنّة النبوية في العطاء, فابتدع المفاضلة وخلق الطبقّية في الإسلام ولم تكن تعرف فيه قبل (المغني-لابن قدامة-7/309,كنزالعمال4/577,تفسير القرطبي 8/238). 10- لم يمتثل لأمر النبي (صلى الله عليه وآله) في تسييره ضمن جيش أسامة وتخلّف عنه,وقد ورد عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: ((أنفذوا بعث أسامة,لعن الله من تخلّف عنه)) (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد6/52). و... إنّ منزلة عمر بن الخطاب عند علي (عليه السلام) قد أفصح عنها عمر بن الخطّاب نفسه,كما يروي ذلك مسلم في صحيحه,فقد روى أنّ عمر بن الخطّاب خاطب علياً(عليه السلام) والعباس عّم النبي(عليه السلام), وقال لهما في جملة كلام له: (.....ثم توفي أبو بكر وأنا ولّي رسول الله (صلى الله عليه وآله)وولّي أبي بكر فرأيتماني كاذباً أثماً غادراً خائناً).(صحيح مسلم5/152كتاب الجهاد والسير,باب: الفيء). ودمتم في رعاية الله