- العراق
منذ 4 سنوات

لماذا تقيمون العزاء على الامام الحسين (ع) دون غيره ممن هو أعظم منه كرسول الله (ص) وأمير المؤمنين (ع)؟


لا شك في أفضلية رسول الله (ص) على الإمام الحسين (ع) و كذلك أميرالمؤمنين و السيدة الزهراء، و لا شك ان الشيعة يقيمون العزاء سنوياً على رسول الله (ص) و على كل واحد من أهل بيت العصمة و الطهارة، و أيام شهاداتهم تشهد بذلك، إلا أن هناك خصوصية لمصيبة الإمام الحسين (ع) يلحظها المتتبع من خلال: الروايات و النصوص الواردة في كتب المسلمين جميعاً شيعة و سنة، من بكاء النبي و أهل بيته (س) على الحسين (ع)، و بكاء الملائكة و الجن و السماوات و الأرض و الكائنات، و تربة مقتله التي جاء بها جبرائيل إلى النبي (ص)، و تحولها دماً عند مقتله، و مطر السماء دما حينذاك، وغير ذلك مما حصل في مصيبة الامام الحسين (ع) من أمور لم تحصل ـ بمجموعها ـ في غيرها، مما يبين عظم مصيبته. إن لمصيبة الإمام الحسين (ع) أثر خاص على قلوب أهل البيت (س) ففي صحيحة معاوية بن وهب، عن أبي عبد الله أنه قال في حديث: «ما أصيب ولد فاطمة و لا يصابون بمثل الحسين (ع)، و لقد قتل في سبعة عشر من أهل بيته، نصحوا لله و صبروا في جنب الله، فجزاهم أحسن جزاء الصابرين، إنه إذا كان يوم القيامة أقبل رسول الله (ص) و معه الحسين (ع) و يده على رأسه يقطر دما فيقول: يا رب، سل أمتي فيم قتلوا ولدي ... المزید». ما ورد عن أئمة أهل البيت (س) من حثهم على البكاء على مصيبة الامام الحسين (ع) كما في رواية الإمام الرضا (ع) : «فعلى مثل الحسين فليبك الباكون». و صحيحة محمد بن مسلم عن الإمام الباقر(ع) قال: «كان علي بن الحسين (ع) يقول: أيما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين (ع) حتى تسيل على خديه بوأه الله بها غرفاً يسكنها أحقاباً...». ما ورد عن الإمام الصادق(ع) من انه قال: «نظر النبي (ص) إلى الحسين بن علي (ع) و هو مقبل، فأجلسه في حجره و قال: إن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداً. ثم قال بأبي قتيل كل عبرة، قيل: و ما قتيل كل عبرة يا بن رسول الله؟ قال: لا يذكره مؤمن إلا بكى»، و ورد هذا المعنى عن أمير المؤمنين (ع) أيضاً و عن الإمام الحسين (ع). ان طريقة القتل التي تعرض لها الإمام الحسين (ع) و هو سبط النبي المصطفى (ص) و سيد شباب أهل الجنة و خامس أصحاب الكساء من أناس يدعون اتباع دين جده لجديرة بأن يموت الانسان عليها كمداً و حزناً، و لم تحصل لأحد بعظمة الحسين (ع) ؛ أوَ مثل سيد شباب أهل الجنة يحاصر من قبل من يدعي الاسلام! و يقتل عطشاناً هو و أهل بيته و أصحابه و تسبى عياله! أوَ بنات محمد تسبى من بلد إلى بلد و من قبل المسلمين! لذلك ورد عن الإمام الحسن (ع): «لا يوم كيومك يا أبا عبد الله، يزدلف إليك ثلاثون ألف رجل، يدعون أنهم من أمة جدنا محمد (ص)، و ينتحلون دين الاسلام، فيجتمعون على قتلك، و سفك دمك، و انتهاك حرمتك، و سبي ذراريك و نسائك...». و ورد هذا المعنى عن الإمام السجاد (ع) أيضاً. و الخلاصة: إنّ ما جرى على الإمام الحسين (ع) كان أشدّ إثارة للعواطف، و أقوى تأثيراً على المشاعر من أيّة حادثة أُخرى. ان شهادة الامام الحسين (ع) مرحلة مفصلية في تاريخ الإسلام فبقتله كُشِفَت ـ لعامة المسلمين ـ أقنعة مزيفة تسلطت على رقابهم و خط منحرف تسلم زمام الأمور في الأمة، و هذا لم يتحقق بشهادة النبي (ص) ولا شهادة أمير المؤمنين (ع) ، فإحياء شهادة الامام الحسين (ع) إحياء للخط المحمدي وفصله عن الخط المنحرف الذي تملّك زمام الأمور. ما رواه الشيخ الصدوق بإسناده عن عبد الله بن الفضل الهاشمي قال: « قلت لأبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق (ع) يا بن رسول الله كيف صار يوم عاشوراء يوم مصيبة وغم وجزع وبكاء دون اليوم الذي قبض منه رسول (ص) ، واليوم الذي ماتت فيه فاطمة (س)، واليوم الذي قتل فيه أمير المؤمنين (ع)، واليوم الذي قتل فيه الحسن (ع) بالسم؟ فقال: إن يوم الحسن (ع) أعظم مصيبة من جميع سائر الأيام، وذلك أن أصحاب الكساء الذي كانوا أكرم الخلق على الله تعالى كانوا خمسة فلما مضى عنهم النبي (ص) بقي أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحسين فكان فيهم للناس عزاء وسلوة، فلما مضت فاطمة (س) كان في أمير المؤمنين والحسن والحسين للناس عزاء وسلوة، فلما مضى منهم أمير المؤمنين (ع) كان للناس في الحسن والحسين عزاء وسلوة، فلما مضى الحسن (ع) كان للناس في الحسين (ع) عزاء وسلوة، فلما قتل الحسين (ع) لم يكن بقي من أهل الكساء أحد للناس فيه بعده عزاء وسلوة، فكان ذهابه كذهاب جميعهم كما كان بقاؤه كبقاء جميعهم؛ فلذلك صار يومه أعظم مصيبة».

3