ما معنى الرواية التالية والتي احتوت على مفردات اجنبية: اثناء وجود اميرالمؤمنين ع في صفين نزلوا بمكان ليس به ماء ثم امرهم بحفر حفرة فاذا بصخرة عظيمة تلمع كاللجين فامرهم برفعها ولم يستطيعوا وهم مائة رجل فدنا منها امير المؤمنين ورفع يديه الى السماء قائلا (( طاب طاب مربا بما طبيوثا بوثة شتميا كوبا جاحا نوثا توديثا برحوثا آمين آمين رب هارون وموسى )) ثم اجتذبها فرماها اربعين ذراعا ثم ظهر لنا ماءا اعذب من العسل وابرد من الثلج.
المطلوب معنى الكلمات الاجنبية وفقكم الله.
الأخ وليد محمد المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نحبّذ أولاً أن نذكر الرواية كاملة, كي نعطي صورة مجملة عن القصّة .. فقد أوردها الشيخ الصدوق (طاب رمسه) في (أماليه : الحديث 14 من المجلس 34 ) مسندة إلى حبيب بن الجهم قال : ((لمّا دخل بنا علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى بلاد صفّين نزل بقرية يقال لها (صندودا) ثم أمرنا فعبرنا عنها, ثم عرّس بنا في أرض بلقع, فقام إليه مالك بن الحارث الأشتر فقال : يا أمير المؤمنين : أتنزل الناس على غير ماء ؟ فقال : يا مالك إنّ الله عزّ وجلّ سيسقينا في هذا المكان ماءً أعذب من الشهد, وألين من الزبد الزلال, وأبرد من الثلج, وأصفى من الياقوت ... المزید فتعجّبنا - ولا عجب من قول أمير المؤمنين (عليه السلام) - ثمّ أقبل يجرّ رداءه وبيده سيفه حتى وقف على أرض بلقع فقال : (( يا مالك احتفر أنت وأصحابك )) فقال مالك : فاحتفرنا فإذا نحن بصخرة سوداء عظيمة فيها حلقة تبرق كاللّجين, فقال لنا : (روموها) فرمناها بأجمعنا ونحن مائة رجل, فلم نستطع أن نزيلها عن موضعها, فدنا أمير المؤمنين (عليه السلام) رافعاً يده إلى السماء يدعو, وهو يقول : (( طاب طاب مربا بما لم طبيثا بوثة شتميا كوبا جاحا نوثا توديثا برحوثا - كذا - آمين آمين ربّ العالمين رب موسى وهارون )) ثم اجتذبها فرماها عن العين أربعين ذراعاً.
قال مالك بن الحارث الأشتر : فظهر لنا ماء أعذب من الشهد, وأبرد من الثلج, وأصفى من الياقوت, فشربنا وسقينا ثمّ ردّ الصخرة وأمرنا أن نحثو عليها التراب. ثم ارتحل وسرنا فما سرنا إلاّ غير بعيد قال : من منكم يعرف موضع العين ؟ فقلنا : كلّنا يا أمير المؤمنين .. فرجعنا فطلبنا العين فخفي مكانها علينا أشدّ خفاء, فظننا أنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قد رهقه العطش فأومأنا بأطرافنا فإذا نحن بصومعة راهب فدنونا منها فإذا نحن براهب قد سقطت حاجباه على عينيه من الكبر, فقلنا : يا راهب أعندك ماء نسقي منه صاحبنا ؟ قال : عندي ماء قد استعذبته منذ يومين, فأنزل إلينا ماء مراً خشناً فقلنا : هذا قد استعذبته منذ يومين ؟ فكيف ولو شربت من الماء الذي سقانا منه صاحبنا .. وحدّثناه بالأمر فقال : صاحبكم هذا نبيّ ؟ قلنا : لا, ولكنّه وصيّ نبيّ . فنزل إلينا بعد وحشته منّا وقال : انطلقوا بي إلى صاحبكم .. فانطلقنا به فلمّا بصر به أمير المؤمنين (عليه السلام) قال : شمعون، قال الراهب : نعم شمعون, هذا اسم سمّتني به أمّي ما اطلع عليه أحد إلاّ الله تبارك وتعالى, ثم أنت فكيف عرفته ؟ فأتمّ حتى أتمّه لك . قال : وما تشاء يا شمعون ؟ قال : هذا العين .. واسمه قال : هذا العين (راحوما) وهو من الجنّة, شرب منه ثلاثمائة وثلاثة عشر وصيّاً وأنا آخر الوصيّين شربت منه, قال الراهب : هكذا وجدت في جميع كتب الانجيل وأنا أشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله وأنّك وصيّ محمّد صلّى الله عليه وآله, ثمّ رحل أمير المؤمنين (عليه السلام) والراهب يقدّمه حتى نزل بصفّين ونزل معه بعابدين، والتقا الصفّان فكان أوّل من أصابته الشهادة الراهب فنزل أمير المؤمنين (عليه السلام) ـ وعيناه تهملان ـ وهو يقول : (( المرء مع من أحبّ .. الراهب معنا يوم القيامة رفيقي في الجنّة )).
وجاءت هذه الرواية عن الأمالي في (بحار الأنوار : 33 / 39 ح 381)، وعلّق عليه بقوله : بيان : البلقع والبلقعة : الأرض القفر التي لا ماء بها . وذكرت هذه الواقعة في (مناقب آل أبي طالب) لمحمّد بن علي بن شهر آشوب (رحمه الله) المتوفى سنة 588 هـ ( 2 / 291 ) في فصل نواقض العادات منه (عليه السلام), وقد رواها عن : أهل السير, عن حبيب بن الجهم, وأبي سعيد التميمي, والنطنزي في الخصائص, والاعثم في الفتوح, والطبري في كتاب الولاية, عن جمع عن جماعة من اصحاب علي (عليه السلام) .. وجاءت الفاظ الدعاء هناك هكذا : (طاب طاب يا عالم يا طيبوثا بوثه شميا كرباجا (وفي نسخة : كوياحا) نوثا تودينا برجوثا آمين آمين) الى آخره . الا ان في طبعة اخرى للمناقب (1 / 442 / الطبعة الاولى ايران ), وحكاه المجلسي (رحمه الله) في (بحار الأنوار 41 / 278 حديث 4) عنه جاء النص هكذا : (طاب طاب يا عالم يا طيب ثابوثة شميا كويا جانوثا توديثا برجوثا آمين ...) إلى آخره . وفي طبعة بيروت للمناقب (2 / 326) : ( .. شميا كرباجا (ح . ل : كوياحا) نوثا .. ) والباقي كالسالف.
وفي لفظ الامالي : ( البحار 33 / 39) : (طاب طاب مربا بما لم طبيوثا بوثة شتميا كويا جاحا نوثا توديثا برحوثا) . وفي المناقب تغيّر بعض الكلمات مثل : طيبوثا, بوثه, كرباجا, وفي نسخة : كوياحا, نوثا .. وهكذا.
وجاء في (روضة الواعظين 1 / 114)، بألفاظ مختلفة عمّا هنا, والقصة واحدة . ولا شك ان عدم ضبط حروفه وكلماته واعجامه واهماله يصعب علينا الطريق بل يعميه حتى لو اردنا استشراف الكلمات من لغات اخرى كالعبريّة أو السريانيّة أو الآرية .. التي نحتمل أن يكون الدعاء بلغتهم . وبين كلّ هذه النصوص فرق كبير لعلّ منشأه عدّة أمور, اهمها ان هذه ألفاظ كانت غريبة عن الرواة فتناقلتها الصدور ثمّ ضبطتها ـ كما سمعتها ـ السطور, مع اختلاف طبيعي في المسمع والسامع والكاتب .. هذا في كلّ طبقة طبقة من أسانيد الرواة إلى أن وصل الحال إلى المصادر مع اختلافها, والطبعات وتعددها، وهذا ما لوحظ خلال سبر بسيط جداً عن بعض مصادر الحديث وطبعاته . وهو أمر ظاهر في كلّ لفظ اجنبي أو غريب وحشي على السامع أو الناقل, ويؤيّد ما ذكرناه انا تابعنا ألفاظ الحديث فوجدناها مختلفة وقد قربت بعض كلماته عن بعض وفصلت عن آخر, ممّا كان وليد ذاك انا لم نحصل على توافق في كلمة واحد من الحديث . نعم، قد اتّفقت هذه الروايات على كلمة : (طاب طاب) و(عالم) . ونجد ابن شهر آشوب في (المناقب 1 / 151, 1 / 105 الطبعة الاولى ) عند تعداد لاسماء رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الكتاب الكريم والكتب السماوية, قال : ومنها العالم, ثمّ قال : وفي الانجيل : طاب طاب .. أي أحمد, ثمّ قال : ويقال : يعني طيب طيب . وورد في كتاب (الفضائل / لابن شاذان أيضاً : 42) عن الواقدي : - في حديث مفصل - جاء فيه خطاب جبرئيل (عليه السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله) : (السلام عليك يا محمّد !, السلام عليك يا أحمد ! … السلام عليك يا طاب طاب .. السلام عليك يا سيّد يا سيّد … إلى آخره) . ولعل في ما ذكر من ألفاظ الدعاء نوع اشاره خاصة ورمز معين قصد به حل المشكلة لا أنه دعاء عام يقرء ويدعى به أو يستن به ويتابع عليه .. اذ لا يراد منه الحفظ أو التعلم والتعليم .. وبعد كلّ هذا لا ننسى ان الهدف في نقل هذه الواقعة هو بيان اعجازها, وذكر كرامة لسيد الاوصياء (سلام الله عليه) فيها, لا نقل الدعاء وضبطه, كما لا يخفى .
هذا وان جهلنا بامثال هذه الامور لا يغير من الحقّ شيئا, ولا يزيد في الباطل نغمة .. وقانا الله شرور أنفسنا وصدّنا عن المراء والتعنت والجهل .
ودمتم في رعاية الله