السلام عليكم..
إنّ التعمق في علوم العقائد أمر صعب لا يمكن فهمه إلاّ من خلال دروس مع أساتذة وعلماء مختصّين، وبسبب عدم وجود علماء دين ثقات متعمقين في عقائد أهل البيت هنا في المكان الذي أسكن فيه، فإنني ألجأ إليكم لتدقيق النتائج التي توصّلت إليها من خلال مطالعة كتب عقائدية عديدة..
والنتائج هي التالي:
أمير المؤمنين هو نقطة ابتداء عالم الإمكان والكثرة. والرسول صلة الوصل بين الخالق والمخلوق.
عندما شاء الله أن يخلق الخلق أوّل ما خلقه هو نور النبيّ، وكان نوره بلا تعيّن وحدود، ونوره فاني في ذات الله فناء مطلق. ثمّ اشتق من نور النبيّ نور أمير المؤمنين، فتحقق التعيّن والوجود الفعلي الخارجي لنور النبيّ عند انفصال نور أمير المؤمنين عنه فتحقق في هذه المرحلة بداية التكثر والتعين الخارجي. فلولا انفصال نور أمير المؤمنين عن نور النبيّ لما خُلق أو تعيّن وجود النبيّ، لأنّه ليس له وجود فعلي خارجي في قبال وجود الله ،لأنّ الممكن لا يتحقّق وجوده في قبال الواجب لأنّ المقارنة بين الممكن والواجب معدوم، اذاً فالممكن لا يتحقّق وجوده الفعلي إلاّ عندما يقابله ممكن آخر مثله.
والروايات تشير الى هذه الحقيقة كما في الحديث القدسي: (يا أحمد! لولاك لما خلقت الأفلاك، ولولا عليّ لما خلقتك...)، وقول الرسول: (عليّ منّي وأنا منه)، وقول أمير المؤمنين: (أنا نقطة الباء في بسم الله الرحمن الرحيم)، يعني: منه فُتق العالم الى الوجود. وكذلك قول الرسول عندما يقسم بالله: (و الذي نفسي بيده)، يعني: نوره الفاني في ذات الله منذ الأزل، وأيضاً قَسَم أمير المؤمنين: (والذي فلق الحبّة وبرأ النسمة)، يعني: انفلاق نور النبيّ وانفصال نور أمير المؤمنين عنه، وبداية تكوين عالم الإمكان.
وبهذا الشرح المختصر يتبيّن أنّ عالم الإمكان بأسره منشأه من نور النبيّ الذي خلقه الله قبل كلّ شيء وأمير المؤمنين هو مبدأ الكثرة والتعيّن في سلسلة الموجودات الإمكانية. ولذلك لا يتحقّق الإيمان بالله إلاّ بالإقرار بنبوّة الرسول وولاية أمير المؤمنين، لأنّ عودة العبد إلى ربّه لا تتم إلاّ من خلال نفس الطريق الذي نشأ منه.
هل هذا البيان صحيح أم لا؟
وأرجو التوضيح في حال وجود أخطاء
الأخ وسيم المحترم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. ما تفضلت به جيد، ولكن يفتقر إلى مزيد إيضاح.
فقوله(عليه السلام): (أنا النقطة تحت الباء)، إشارة إلى ظهور الوجود وتميّز الموجودات بالحدود، وورد عن بعض أهل المعرفة: ((بالباء ظهر الوجود، وبالنقطة تميز العابد عن المعبود)).
فالمراد بالنقطة (وحدها مع غض النظر عن الباء)، هو: عالم الإمكان الراجح، أو عالم المشيئة.
والمراد بالباء (مع النقطة؛ لأنّ الباء من دون نقطة ليست باء): الصادر الأوّل، وقيام الباء في الصورة مقام الألف، إشارة إلى خلافة العقل الكلّي الذي هو الإنسان الكامل الختمي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في السلسلة الصعودية عن الله تعالى، فأمير المؤمنين(عليه السلام) كنقطة بالنسبة إلى التعيّن الأوّل الذي هو النور الحقيقي المحمّدي، لقوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أوّل ما خلق الله نوري).
وبعبارة أوضح: إنّ الباء مع النقطة - لا من دونها - هي التعيّن الأوّل، إذ النقطة (بغض النظر عن الباء) هي إشارة إلى عالم المشيئة، وهو عالم الإمكان الراجح، والنقطة (بملاحظة الباء) إشارة إلى كمال الباء وتمامها، فنور النبيّ وحقيقته لا ينفصل عن نور الولي وحقيقته، ولذلك كانت الحقيقة المحمّدية هي نفسها الحقيقة العلوية، ويدلّ عليه قوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أنا وعليّ من نور واحد)؛ لأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو كالباء، وعليّ(عليه السلام) كالنقطة تحتها، لا أنّه(عليه السلام) كالنقطة مطلقاً، فالنقطة على الإطلاق لا تشير إلى عليّ(عليه السلام) كما استظهرت في شرحك، بل تشير إلى عالم المشيئة، أو الإمكان الراجح، أو عالم اللاتعين.
ويبتدأ التعيّن بالحقيقة المحمّدية العلوية التي هي أوّل صادر عن المشيئة، فالباء لا تكون باءً إلاّ بالنقطة، وهي من دون نقطة ألف ممدودة صالحة لأن تكون مادّة لجميع الحروف. ولذلك كان الدين لا يتكمل إلاّ بوجود الولي، فالولاية هي رديف النبوّة، قال تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)، ومن هنا يعلم سرّ قوله في الحديث القدسي: (ولولا عليّ لما خلقتك). ودمتم في رعاية الله