موت معاوية
في هذا اليوم من سنة 60 هـ هلك معاوية بن أبي سفيان في الشام و عمره 78 سنة (1). و هو يوم فرح المؤمنين و حزن المنافقين و يستحبّ صيام هذا اليوم شكراً لله لهلاك معاوية (2).
نسب معاوية
روى الكلبي النسّابة و ابن روزبهان و هما من الثقات عند أهل السنّة أن معاوية كان ولداً لأربعة رجال هم: عمارة بن الوليد بن المغيرة و مسافر بن أبي عمرو، و أبو سفيان و رجلاً لم يذكراه، و نقل راغب الإصفهاني في المحاضرات و ابن أبي الحديد في شرح النهج عن الزمخشري في ربيع الأبرار أنّ معاوية نسب إلى أربعة أشخاص هم: مسافر و عمارة و عبّاس و صباح الذي كان مغنّي عمارة بن الوليد و كان لهند أمّ معاوية علاقة شديدة بصباح الذي كان شابّاً جميلاً و كان عاملاً عند أبي سفيان لكن نسب معاوية في الظاهر إلى أبي سفيان.
و كان أبو سفيان قبيح المنظر قصيراً، عميت إحدى عينيه في الطائف و الثانية في اليرموك (3)، و كان من زُناة مكّة (4)، و باطنه أعمى من ظاهره و كان شديد العداوة لرسول الله (ص) و كانت له يد في كلّ حرب و توطئة أحيكت ضدّ الرسول (ص) و قد أسلم في الظاهر عام الفتح خوفاً من القتل و عاش منافقاً إلى سنة 30هـ فهلك عن 82 سنة.
و لا يخفى أن حمامة و هي إحدى جدّات معاوية و كانت من ذوات الأعلام في سوق المجاز و من هنا يتّضح نسب أبي سفيان، و كانت أمّ معاوية هند أيضاً من ذوات الأعلام و كانت تحبّ الغلمان السود كثيراً و كانت إذا ولدت أسود دفنته ومن توضيح حال أب معاوية يتبيّن وضع أمّه هند!. (5)
إنّ النبيّ (ص) كان يلعن معاوية دائماً و يقول:«لعن الله معاوية الطليق بن الطليق اللعين بن اللعين» و قال (ص):«إذا رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه».
و كان من المؤلّفة قلوبهم و لم يزل مشركاً مدّة كون النبيّ (ص) مبعوثاّ و كان يكذب بالوحي و يستهزئ بالشرع و كان يوم فتح مكّة في بلاد اليمن و كان يطعن على رسول الله (ص) و يكتب إلى أبيه صخر يعيِّره بإسلامه و يقول له: أصبوت إلى دين محمّد بن عبد الله و فضحتنا؟ بئس ما فعلت، و كان يراسله بالشعر قبل إسلامه و ينهاه عن ذلك و معاوية يومنذ مقيم على الشرك هارب من رسول الله (ص) لأنّه كان قد هدر دمه فهرب على وجهه إلى بلاد اليمن فلمّا لم يجد له مأوى صار إلى النبيّ (ص) مضطرّاً و أظهر الإسلام و كان إسلامه قبل شهادة رسول الله (ص) بخمسة أشهر و طرح نفسه على العبّاس عمّ رسول الله (ص) ليشفع إلى رسول الله (ص) فتشفّع فيه رسول الله (ص) فعفى عنه. (6)
حكومة معاوية في الشام
لمّا غزا يزيد بن أبي سفيان الشام من قبل أبي بكر كان معاوية معه، و لمّا مات يزيد أوكل أبو بكر أمر الشام إلى معاوية. و بقي هناك إلى زمان خلافة أمير المؤمنين (ع) حيث بدء طغیان معاوية فإنّ أساس ظلم معاوية قد أسَّسه أبو بكر.
في سنة 45هـ أخذ معاوية البيعة لابنه يزيد. كان معاوية أوّل من روَّج سبَّ أمير المؤمنين (ع) على المنابر، و في آخر خطبة صلاة الجمعة كان يلعن أمير المؤمنين (ع) و يتعرّض له (ع) و قد أمر أن يلعن بهذا اللعن في كلّ المدن و قد استمرّ ذلك إلى زمان عمر بن عبد العزيز، حيث منعه. (7)
عداء معاوية لأميرالمؤمنين (ع)
أمر معاوية جماعة من الصحابة و التابعين بوضع الحديث في ذمّ أمير المؤمنين (ع) و قتل عدداً كبيراً من شيعته و محبّيه مثل مالك الأشتر النخعی رحمه الله فقد سمّه و هو في القُلزُم في طريقه إلى مصر سنة 38-37هـ (8). و كان معاوية يرتع بالملذّات و يكثر من الطعام حتّى ينقل أنّه كان يقول: «اتعبت و لم أشبع»، و ذلك لدعوة النبيّ (ص) عليه عندما قال (ص):«لا أشبع الله بطنهه»، و له في النفاق و التحايل على العامّة بالمكر و الدهاء شهرة كبيرة، و نقل المحدث القمّي رحمه الله انّه يوجد 200 خبراً من الطرق المعتمدة عند أهل السنّة في ذمّ معاوية.
قصّة موت معاوية
و علّة موته أنّه مرض في مسيره من مكّة إلى الشام، فانتابته البرداء و لم يعد فمه يغلق من شدّة الإرتعاش حتّى مات سيلقى جزاء أعماله.
و نقلوا أنّه مات عن 75، أو 82 أو 92 سنة، و جنایاته كثيرة لا يسعها هذا المختصر و عند احتضاره قال: إرتكبت عدّة كبائر: غصبت حقّ عليّ، و سممّت ابنه الحسن و كذلك أرسل إلى جعدة زوجة الإمام الحسن (ع) أن تدسَّ السّم للإمام (ع) بعد ما رغَّبها بالزواج من ابنه يزيد و وعد لها أموالاً كثيرة، و استخلفتُ يزيد و قتلت حجر بن عديّ و أصحابه (9).