post-img

شرح اسماء الله تعالى | الجواد

قال الدرودآبادي في شرح الأسماء الحسنى:
الجواد في القاموس: «... وأجَادَ: أتى بالجيّد».
فهو اسم له تعالى باعتبار أنّ عطائه أجودُ العطاء، من حيث أنّ عطاءه عطاء بلا مِنّة، وعطاء قبل السؤال، وعطاء جزيل دائم غير مسبوق بالعوض، ولا يريد منه العوض، عامٌّ للمطيع والعاصي، شاملٌ للمؤمن والكافر، غير مشوب بدفع الضرر عنه وجلب المنفعة إليه.

وقال الكفعمي في المقام الأسنى: 
الجواد هو الكثير الإنعام والإحسان. والفرق بينه وبين الكريم أنّ الكريم الذي يعطي مع السؤال والجواد يعطي من غير سؤال وقيل بالعكس ورجل جواد أي سخي ولا يقال الله تعالى سخي لأن أصل السخاوة راجع إلى اللين ويقال‏ أرض سخاوية وقرطاس سخاوي إذا كان لينا وسمي السخي سخيا للينه عند الحوائج هذا آخر كلام صاحب العدة [1]. قلت وقوله ولا يقال الله تعالى سخي ليس بشي‏ء لأن السخاء مرادف للجود [2] وهو صفة كمال فيجوز إطلاقه عليه تعالى مع أنه قد ورد به الإذن‏. ففي دعاء الصحيفة المذكور في مهج ابن طاووس [3] (قدس الله سره): «سبحانه من تواب ما أسخاه وسبحانه من سخي ما أنصره».

فإذا كان اسم السخاء لا يوهم نقصا وقد ورد في الدعوات فما المانع من إطلاقه عليه تعالى. إن قلت أن المانع أن أصل السخاوة راجع إلى اللين إلى آخره كما ذكره صاحب العدة. قلت إن اللين هنا بمعنى الحلم لا بمعنى ضد الخشونة وفي دعوات المصباح [4] ولنت في تجبرك [5] أي حلمت في عظمتك وليس صفاته تعالى كصفات خلقه لأن التواب من الناس التائب والصبور كثير حبس النفس عن الجزع وهما في صفته تعالى كما مر في شرحهما إلى غير ذلك من صفاته تعالى المخالفة لصفات خلقه.

[1] عدّة الداعي: 312، باختلاف.
[2] في هامش (ر): «في كثير من الأدعية، وإضافة السخاء فيها إليه كما في دعاء الجوشن الكبير المروي عن السجّاد زين العابدين عن أبيه عن جدّه عن علي (عليهم السلام) عن النبيّ (صلّى اللّه عليه وآله)، في قوله: يا ذا الجود والسخاء، ففرق بين السخاء والجود لترادفهما على اسم الكريم. منه (رحمه اللّه)». انظر: المصباح -للمصنف-: 248.
[3] أبو القاسم عليّ بن موسى بن جعفر بن طاووس الحسني الحسيني، السيّد الأجلّ الأورع، ويظهر من مواضع من كتبه خصوصا كشف المحجة أن باب لقائه الإمام المنتظر روحي له الفداء كان مفتوحا، وكان من عظماء المعظمين لشعائر اللّه، يروي عنه العلّامة الحلّي وغيره، له عدة مصنّفات، منها: مهج الدعوات ومنهج العنايات، ذكر فيه الأحراز والقنوتات والحجب والدعوات والتعقيبات وأدعية الحاجات، توفّي سنة (664 هـ). الكنى والألقاب 1: 327، أعيان الشيعة 8: 358، الذريعة 23: 287، معجم رجال الحديث-- 12: 188.
[4] كتاب المصباح لأبي جعفر محمّد بن الحسن بن عليّ بن الحسن الطوسيّ، المعروف بشيخ الطائفة يروي عن الشيخ المفيد وغيره، يروي عنه ولده الشيخ حسن وغيره، له عدّة مصنّفات، منها: هذا الكتاب- مصباح المتهجد وسلاح المتعبد- وهو من أجل الكتب في الأعمال والأدعية وقدوتها، ذكر فيه ما يتكرر من الأدعية وما لا يتكرر. وقدّم فصولا في أقسام العبادات وما يتوقف منها على شرط وما لا يتوقّف وذكر في آخره أحكام الزكاة والأمر بالمعروف، توفّي سنة (460 ه) ودفن في دارة التي كان يقطنها بوصية منه. تنقيح المقال 3: 104، أعيان الشيعة 9: 159، الذريعة 211: 118.
[5] مصباح المتهجّد: 387.

مواضيع عامة