الجلالة: العظمة من حيث الصفات، قال أمير المؤمنين (عليه السلام) [1]: «يا من دلّ على ذاته بذاته، وتنزّه عن مجانسة مخلوقاته، وجلّ عن ملائمة كيفيّاته».
فهو اسم له تعالى باعتبار أسمائه الجلاليّة الّتي ملاكها التنزّه عن التشبّه، وخروجه عن حدّ التشبيه، فلذلك اعلم أنّ أسمائه تعالى قسمان: جلاليّة وجماليّة.
فالأوّل عبارة عن كلّ اسم يدلّ على تنزّهه تعالى وخروجه عن الحدّين: حدّ الإبطال وحدّ التشبيه، مثل: عزيز وسبّوح وجليل وسرمد، وغيرها ممّا يدلّ على غناه عمّا سواه وعدم شباهته بشيء من خلقه.
والثاني عمّا يدلّ على شيء من كمالاته تعالى، مثل: عليم وقدير وسميع وبصير، ممّا يدلّ على قُدسه، أعني استحقاقه لشيء من الكمالات، وكفايته عن شيء من الصفات. فجلاله عين جماله وجماله عين جلاله، وكلاهما عين ذاته، ولكن التعدّد في عالم الأسماء؛ فالأسماء الجلاليّة مظاهر عالم العزّة، والأسماء الجماليّة مظاهر عالم العظمة، وقد عرفت عالم العزّة في حديث محمد بن عطيّه في الأمر الثالث قبيل هذا؛ وعالم العظمة هو عالم الوجود الذي هو ظلّ عالم العزّة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) [2]: «إلهي هبْ لي كمال الانقطاع إليك، وأنِرْ أبصار قلوبنا بضياء نظرها إليك، حتى تخرق أبصارُ القلوب حجب النور، فتصل إلى معدن العظمة، وتصير أرواحنا معلّقة بعزّ قدسك». فعالم العزّة فوق عالم العظمة، وهو فوق عالم الحجب النوريّة الّتي هي الأسماء الحسنى، وقال [3]: «وبعظمتك التي ملأت كلَّ شيء».
وقال الكفعمي في المقام الأسنى: الموصوف بصفات الجلال من الغنى والملك والقدرة والعلم والتقدس عن النقائص فهو الجليل الذي يصغر دونه كل جليل ويتضع معه كل رفيع.
[1] بحار الأنوار 87/339. من الدعاء المعروفة بدعاء الصباح.
[2] من الدعاء التي علمها أمير المؤمنين (عليه السلام) نوف البكالي، البحار: 94/99، ح12، نقلاً عن الكتاب العتيق الغروي.
[3] من الدعاء المعروفة التي علمها أمير المؤمنين (عليه السلام) كميل بن زياد النخعي.