logo-img
السیاسات و الشروط
post-img

شرح اسماء الله تعالى | البديع

قال تعالى: (بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ). [1] وفي القاموس: «البديعُ: المُبْتَدِع، والمُبتدع». [2]

فهو صفة من «بدَعَ»: إذا أتى بأمر جديد؛ فيشكل الأمر بأنّ السماوات والأرض إنّما خلقها الله مبتدعا، فينبغي التعبير بالمُبدع -لا البديع، الدال على كون مبدء الاشتقاق ذاتي الموصوف-. ويمكن التفصّي بأنّ وجود الممكنات إنّما هو وجود تصرّمي، لا وجود ممتدّ، لانقلابها وتغيّرها آناً فآناً. مثلا افرض الإنسان في حال شبابه وشيبته: ففي حال شبابه إنّما هو بتمام كيفيّاته ومشخصاته المتعدّدة وجودٌ واحد، أعني موجودات متعدّدة بوجود واحد؛ وفي حال شيبته كذلك، وفي حال مرضه وصحّته -بل كل حالاته- موجودات متعدّدة بوجود واحد؛ والمفروض أنّ حالاته متغيّرة متبدّلة معدومة.

فإن قلنا: إنّ وجودها وجود واحد، ممتدّ لزم أن ينقلب الوجود القائم بالكيفيات عدما، ويبقى وجود المعروض -وهو غير ممكن- فله بكلّ كيفيّة وجود ابتدائي متصرّم، ولكن لشدّة اتّصالها يعدّ وجوداً واحداً ممتداً؛ فهو تعالى بديع السماوات والأرض، بل بديع كلّ شيء، فإنّ بيده ملكوت كل شيء، فيميتها في مرتبة، ويُحييها في مرتبة أخرى، ويُميتها في شأن ويُحييها في شأن آخر. كما قال: (كيفَ تَكفُرُونَ بِاللهِ وَكنتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْياكمْ ثُمَّ يمِيتُكمْ ثُمَّ يُحييكُم ثُمَّ إِلَيهِ تُرْجَعُونَ) [3] معبّرا بلفظ المضارع الدّال على الاستمرار والتجدّد، وقال: (كلَّ يوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ). [4] فالبديع اسم له تعالى باعتبار إعطاء كل موجود وجودا جديدا آنا فآنا.

وقال الكفعمي في المقام الأسنى: «هو الذي فطر الخلق مبتدعا لا على مثال سبق وهو فعيل بمعنى مفعل كأليم بمعنى مؤلم والبديع يقال على الفاعل والمنفعل والمراد هنا الأول والبدع الذي يكون أولا في كل شي‏ء ومنه قوله تعالى: (ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ) [5] أي لست بأول مرسل».
 

[1] البقرة 117.
[2] قاموس المحيط: ۳/۳، البديع.
[3] البقرة 28.
[4] الرحمن 29.
[5] الأحقاف 9.

مواضيع عامة